للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكتاب الفاروق يرحمه اللـ ... ـهُ إلى الأشعري في تبيان

قس إذا أشكلت عليك أمور ... واقض بالحق في رضا الرحمن

لا يستقيم لقانون تفصّل أحكامه أن يطَّرد في جميع العصور، أو ينسحب على سائر الأقطار؛ لأن المصالح والمفاسد التي توضع لها القوانين، لا تلحق كل الأعمال لذاتها، أو لوصف لا ينفك عنها، حتى يكون العمل دائمًا لمصلحة أو مفسدة، بل المصلحة والمفسدة تترتب على الأفعال ترتب المسبّبات العادية على أسبابها، مثلَ ترتب منافع الأدوية ومضارها عليها، فإنها تختلف باختلاف الأحوال والأزمان، فالعمل قد يكون منشأ لمصلحة في حال، أو في زمان، أو في حق أشخاص، فيستدعي الإثبات والإِقبال عليه، وقد ينتقل فعله إلى أن يتصل بمفسدة، فيستحق النفي والبعد عن جانبه.

من هنا كان بعض من لا يعرف بطانة الشريعة الإسلامية يتردد ويرتاب في صلاح العمل بها في كل عصر وجيل، ويقول: إن حقيقة القانون لا تنطبق على ما قررته من القضايا؛ لأنه يؤخذ في خصائص القانون أن يتبدل ويتجدد بحسب تغير العصور والأحوال.

ولا أرى هؤلاء إلا أنهم اعتقدوا شريعة الإسلام بمثال القوانين الوضعية، فصّلت أحكامًا، أو أعطت قواعد قريبة من التفصيل، ثم قطعت وحيها عن الناس.

إن الشريعة ضمت تحت جوانحها حقائق حفظت مصالح كل العصور والأجيال، ومكنت المجتهد في كل عصر أن ينتزع لأي حادثة تعرض حكماً يلائم مصلحتها.

فتحت الشريعة باب القياس، وهو - كما قرّرنا - إلحاق الأمور التي لم