للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

* طبقات الفقهاء:

يترتب أصحاب المدارك في الفقه إلى ثلاث طبقات:

الأولى: طبقة المجتهدين باطلاق، وهم الذين يؤسسون قواعد الأصول، ثم يستخرجون أحكام الوقاع على طبقها؛ مثل: الأئمة الأربعة.

الثانية: طبقة المجتهدين في المذهب، وهم القادرون على أخذ الأحكام من القواعد والأصول التي قررها أستاذهم؛ مثل: ابن القاسم في المالكية، وأبي يوسف في الحنفية، والمزني في الشافعية.

الثالثة: طبقة أصحاب الترجيح، وهم الذين يفضلون بعض الروايات أو الأقوال على بعض، بمثل قولهم: هذا أرفق للناس، وهذا أعلق بالمصلحة، ومن هؤلاء: أبو عبد الله بن عرفة في المالكية، وأبو حسن القدودي في الحنفية.

وها هنا طبقة رابعة تحفظ ما حرّره أصحاب المدارك، وتعلمه الناس من غير تصرف فيه، ومن هؤلاء من يأخذ مع بعض الأقوال مداركها، وبعضهم يحفظها نصوصاً مجردة، وفي هذه الطائفة يقول منذر بن سعيد البلوطي:

عذيري من قوم يقولون كلّما ... طلبت دليلاً: هكذا قال مالك

فإن عدت قالوا: هكذا قال أشهب ... وقد كان لا تخفى عليه المسالك

تجد في أهل هذه الطبقة من له اطلاع واسع في الحديث، والتفسير، والقواعد، إلا أنهم لا يفرغون عنايتهم في البحث عن الرابطة بينها وبين الفروع، إلى أن يمكنهم الارتقاء عند استحضار الفروع إلى أصولها، والنزول من ذكر الأصول إلى فروعها؛ بحيث تتواصل الفروع والأصول، وتتعانق بهيئة علم واحد.

يتفاضل الفقهاء أيضاً بمقدار حذقهم ومهارتهم في صناعة تطبيق الأحكام