* كيف تيسّر للإمام البخاري أن يؤلف هذا الجامع الصحيح:
نشأ الإِمام البخاري في عهد كان المقام الأسمى فيه لمن يتفقه في الدين، وكانت أمصار الإِسلام طافحة بأئمة الحديث وحفّاظه، فأقبل على رواية الحديث، وتلقى عن أئمة خراسان، ثم رحل إلى العراق والحجاز والشام ومصر، فلقي أئمتها وحفاظها, ولم يدخر جهداً في استقصاء ما عندهم من العلم، حتى تجمع له من الأحاديث ما لم يتجمع لغيره، وساعده على ذلك: سلامة الفطرة، وقوة الحافظة، وذكروا أنه روى عن أكثر من ألف شيخ، من بينهم: الإمام الحافظ علي بن المديني الذي قال فيه البخاري: "ما استصغرت نفسي إلا بين يدي علي بن المديني".
فلقاء البخاري في رحلاته بعدد كبير من حفاظ الحديث، مع صفاء ألمعيته، وقوة حافظته رفعه في علم الحديث والفقه إلى أن قال الإمام أحمد من شيوخه: ما أخرجت خراسان مثل محمد بن إسماعيل البخاري فقيه الأمة.
* سبب تأليفه:
قال البخاري: كنت عند إسحاق بن راهويه، فقال: لو جمعتم كتاباً مختصراً لصحيح رسول الله - رضي الله عنه -، فوقع ذلك في قلبي، فأخذت في جمع "الجامع الصحيح"، وابتدأ جمعه في المسجد الحرام، يدل لهذا قوله فيما روي عنه: صنفت كتابي "الجامع الصحيح" في المسجد الحرام، وما أدخلت فيه حديثاً حتى استخرت الله تعالى، وصليت ركعتين، وتيقنت صحته.
* حسن أسلوب "الجامع الصحيح"، ووجه تكراره للأحاديث:
اختلفت أساليب المصنفين في الحديث، فمنهم من رتبوا الأحاديث بالنظر إلى رواتها، وهي المسماة بالمسانيد؛ كما فعل الإمام أحمد بن حنبل