للثانية أو الرابعة، فذهب بعضهم إلى أنه لم يفعلها على وجه القربة، فلا تدخل في قبيل السنّة، وعدّها طائفة فيما يستحب من أعمال الصلاة.
ومما لم يظهر فيه معنى القربة: تقديم اسمه - عليه الصلاة والسلام - في الرسائل على اسم المرسل إليه، ولهذا لم يحافظ عليه بعض السلف محافظتهم على ما يفهمون فيه معنى القربة، فأجازوا تأخير اسم المرسل على اسم المرسل إليه، وسئل الإمام مالك عن ذلك، فقال: لا بأس به، بل روى أن ابن عمر - وهو من أشد الناس محافظة على السنّة - قد كتب إلى معاوية، ثم إلى عبد الملك بن مروان، وقدم اسميهما على اسمه (١).
* تركه:
وكذلك يفصل القول في تركه - عليه الصلاة والسلام - لبعض الأشياء، فما يتركه من أجل كراهته له جبلَّة؛ كما امتنع من أكل الضب، ولما قال له خالد بن الوليد: أحرام هو يا رسول الله؟ قال:"لا ولكنه لم يكن بأرض قومي، فأجدني أعافه" وليس تركه - صلى الله عليه وسلم - للشيء على هذا الوجه من مواضع التأسي، وشاهده أن خالدًا - رضي الله عنه - سمع هذا الجواب، وما لبث أن جرّ إليه الضب، فأكله.
ويجري على هذا النحو ما يتركه - صلى الله عليه وسلم - لتحريم يختص به؛ كتركه أكل الثوم وما شاكله من كل ذي رائحة كريهة، فلغيره من المسلمين تناوله، ولا يكون بتناوله هذا خارجاً عن حدود قوله تعالى:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}[الأحزاب: ٢١].