ثانيهما: ما يخشى من فعله اعتقاد العامة لوجوبه؛ فقد راعى بعض الأئمة مفسدة اعتقاد العامة لوجوب ما هو مندوب إليه؛ كما ذهب الإِمام مالك إلى كراهة صوم ستة أيام من شوال، مع صحة الحديث الوارد في فضله؛ خشية أن يعتقد العامة وجوبها.
قال أبو إسحاق الشاطبي: والذي خشي منه مالك وقع في المعجم، فصاروا يتركون المسحرين على عادتهم والبواقين.
وكذلك قال أبو إسحاق المروزي من أصحاب الإِمام الشافعي: لا أحب أن يداوم الإِمام على مثل أن يقرأ كل يوم جمعة بسورة الجمعة ونحوها؛ لئلا يعتقد العامة وجوبه، والجمهور لا يقيمون للخوف من اعتقاد العامة وزنًا. والتبعة في مثل هذا على أهل العلم؛ إذ هم المطالبون بتعليم الناس آداب دينهم، وهدايتهم إلى سبيل ربهم، وانظروا إلى ما صنع عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حين قبّل الحجر الأسود، وقال:"إني أعلم أنك لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقبّلك، ما قبّلت"(١)؛ فقد جمع بين الأخذ بالسنة، ودفع ما عساه يخطر في أذهان العامة من اعتقاد فاسد.
* البدعة:
البدعة في اللغة: الأمر المحدث على غير مثال، محموداً كان الأمر أم مذموماً، ووردت البدعة في لسان الشارع، فذهب الفقهاء في الحديث عنها مذهبين:
أحدهما: مذهب من يتوسع في معناها، فيحملها على ما أحدث بعد