عهد النبوة، سواء أكان راجعاً إلى العبادات، أم المعاملات، وسواء أكان حسناً، أم قبيحاً.
قال الإِمام الشافعي - رضي الله عنه -: المحدثات من الأمور ضربان: أحدهما: ما أحدث يخالف كتاباً، أو سنّة، أو أثراً، أو إجماعاً، فهذه البدعة الضلالة. والثاني: ما أحدث من الخير، وهذه محدثة غير مذمومة.
وعلى هذه الطريقة جرى عز الدين بن عبد السلام؛ إذ قسم البدعة إلى: واجبة؛ كوضع علم العربية وتعليمه، ومندوبة؛ كإقامة المدارس، ومكروهة؛ كتزويق المساجد، ومحرمة؛ كتلحين القرآن بحيث تتغير ألفاظه عن الوضع العربي، ومباحة؛ كوضع الأطعمة على الموائد ألواناً.
ثانيهما: مذهب من يفسر البدعة بالطريقة المخترعة على أنها من الدين، وليست من الدين في شيء، فهي مذمومة في كل حال، ولا يدخل في حقيقتها واجب أو مندوب أو مباح، وعلى هذا المعنى ورد قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وكل بدعة ضلالة"، وهذا ما يريده الإِمام مالك - رضي الله عنه - في قوله:"من ابتدع في الإِسلام بدعة يراها حسنة، فقد زعم أن محمداً - صلى الله عليه وسلم - خان الرسالة؛ لأن الله تعالى يقول:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي}[المائدة: ٣] ".
وأصحاب هذه الطريقة يحملون قول عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في صلاة التراويح:"نعمت البدعة هذه" على معنى: البدعة في اللغة؛ كما أن أصحاب الطريقة الأولى يذهبون في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة"(١) إلى أن المراد من المحدثة والبدعة: نوع خاص من المحدثات والبدع، وهو ما كان مخالفاً للكتاب والسنّة.