يتضمن أن لبيد بن الأعصم قد فعل فعلاً كان له أثر في النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو بعيد عنه.
ورأى المنكرون للحديث: أن هناك ما ينفي بوجه خاص أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - قد سحر، وأوردوا ثلاثة وجوه:
أحدها: أن الاعتقاد بثبوت سحر النبي - صلى الله عليه وسلم - يكون تصديقًا لقول الكفّار فيما حكاه الله عنهم:{إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا}[الإسراء: ٤٧]، وهذا كما قال فرعون لموسى - عليه السلام - فيما قصه الله عنهما:{إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَامُوسَى مَسْحُورًا}[الإسراء: ١٠١].
ثانيها: أن سحر الأنبياء، وتمكّن الساحر من أن يفعل فعلاً يكون له أثر في قوة تفكيرهم يحط من منصب نبوتهم.
ثالثها: أن تجويز السحر عليهم يشكك في نبوتهم، ويعدم الثقة بما شرّعوه من الشرائع؛ إذ يكون من المحتمل على هذا التجويز أن يخيل إلى النبي أنه يرى جبريل - عليه السلام -، ولم يكن هناك جبريل، وأنه يوحى إليه بشيء، ولم يوح إليه به.
ونحن ننظر في سند الحديث، ثم ننظر فيما استند إليه المنكرون من الوجوه التي رأوها قاضية عليه بالوضع:
الطرق التي روي بها هذا الحديث في "الصحيحين" كلها ترجع إلى هشام بن عروة عن عائشة -رضي الله عنها -، وعروة أحد الفقهاء السبعة، لم يطعن فيه أحد بكلمة، ومن رووه عن هشام بن عروة - مع كونهم كثيرين - هم من الرجال الموثوق بروايتهم، فقد رواه عن هشام: عيسى بن يونس، وأبو أسامة حمّاد بن أسامة، وأبو ضمرة أنس بن عياض، وابن جريج، وابن أبي الزناد، وابن نمير.