للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التمرين ترجح على مفسدة التصوير، فهل للفقهاء إذا عرفوا في تصوير شيء من الأشياء مصلحة جلية، أن يفتوا بإباحته على قدر ما تدعو إليه الحاجة؟

لم نجد في كتب الفقه ما يشعر بصحة هذا التصرف إلا كلمة قالها الماوردي في "الأحكام السلطانية" عند الحديث عن لعب البنات، ونصه: "وأما اللعب، فليس يقصد بها المعاصي، وإنما يقصد بها إلف البنات لتربية الأولاد، وفيها وجه من وجوه التدبير تقارنه معصية بتصوير ذوات الأرواح، ومشابهة الأصنام، فللتمكين منها وجه، وللمنع منها وجه، وبحسب ما تقتضيه شواهد الأحوال يكون إنكاره وإقراره".

وإذا أراد الماوردي من شواهد الأحوال: الأحوال التي نص فيها الشارع على منع التصوير، أو إباحته، لم يبق بأيدينا نص من الفقهاء في إباحة التصوير عند ما يكون له - فيما يظهر - فائدة.

ومن المواضع التي ينتفع فيها بالتصوير لهذا العهد: أن يوجد قتيل في خلاء، ولا يعرف من أي قبيل هو، فتؤخذ صورته لتعرض في الصحف؛ لعل أهله يطلعون عليها، ويترتب على درايتهم بقتله نحو: الإرث، وتنفيذ الوصايا، وفي حضور أهله معونة على تحقيق البحث في الجناية.

ويشبه هذا: أن يوجد صبي ضائعاً، فتؤخذ صورته لتعرض في الصحف، حتى إذا رآها وليّه، جاء فتسلمه، ومن هذا القبيل: وضع صورة من مَرَدَ على الجنايات في الصحف، أو في المجتمعات العامة؛ ليحذره الناس، فيسلموا من أذيته، ويضاهي هذا: رسم أشكال الحيوان في كتب علم الحيوان؛ إذ يتوقف عليه الرسوخ في ذلك العلم.