يطالب بالأوراد من كان غافلاً ... فكيف بقلب كل أوقاته وِرْدُ
ومنهم من يقول: تسقط الأوامر والنواهي عمن شهد الحقيقة، ووصل إلى مقام الفناء فيها، ويقول قائل من هؤلاء: العارف لا ينكر منكراً؛ لاستبصاره بسر الله في القدر. ويقولون: العارف لا يستقبح قبيحة، ولا يستحسن حسنة. وقد سئل الجنيد - رحمه الله - عن هذه الطائفة، فقال: الذي يسرق ويزني، أحسنُ حالاً ممن يزعم هذا!.
قال الغزالي: لو زعم زاعم أن بينه ويين الله حالاً أسقطت عنه الصلاة، وأحلت له شرب الخمر، وأكل مال السلطان؛ كما زعمه بعض من ادعى التصوف، فلا شك في وجوب قتله، وإن كان في خلوده في النار نظر، وقتلُ مثله أفضلُ من قتل مئة كافر؛ لأن ضرره أكثر! (١)
وشعر يومئذ بعض المستقيمين من الصوفية بنحو هذا الانحراف وما يماثله من الانسلاخ عن عقائد الدين أو أحكامه العملية، فقاوموه بالإنكار، والتنبيه على أنه ضلالة وجهالة.
قال الجنيد: مذهبنا هذا مقيد بالكتاب والسنة.
ويقول: الطريق كلها مسدوة على الخلق إلا المقتفين آثار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال سهل التستري: أصول مذهبنا ثلاثة:
أولاً: الاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في الأخلاق والأفعال
ثانياً: أكل الحلال.
ثالثاً: إخلاص النية في جميع الأعمال.
(١) "شرح الشيخ عبد القادر بن شقرون للربع الثاني من الأربعين".