للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من أحكامها أن الإسلام لم يقتصر على إباحة معاملتهم بمعاوضة، بل أجاز للمسلم أن يهب جانباً من ماله، أو يوقفه، أو يوصي به لبعض أهل الذمة، ويجب تنفيذه، والقضاء بصحته، وأحل لنا طعام الذين أوتوا الكتاب، وأن نطعمهم. قال تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ} [المائدة: ٥]. وأمر بالإحسان إليهم، والرفق بضعفهم، وسد خلة فقرهم، ولين القول لهم على سبيل اللطف والرحمة، واحتمال إذايتهم في الجوار، وعلى وجه الكرم والحلم، وحرّم الاعتداء عليهم، ولو بكلمة سوء، أو غيبة في عرض أحدهم.

وحكى ابن حزم في "مراتب الإجماع": أن من كان في الذمة، وجاء أهل الحرب إلى بلادنا يقصدونه، وجب علينا أن نخرج لقتالهم بالكراع والسلاح، ونموت دون ذلك صوناً لهم.

فمن نظر في طبيعة الإسلام جيداً، تحقق صفاء سريرته من مقاصد تضرم في أحشاء أهله جمرة التعصب الباطل ضد ديانة أخرى؛ كما يزعم بعض من لم يسمعوا دعوته إلا من وراء حجاب.

وشدد الإسلام العقوية على من ارتد عن الدين بعد أن لبس هديه القويم، فأمر بدعوته إلى الإنابة والتوبة، فإن رجع، وإلا، ضرب بالسيف على عنقه، وإنما جبر المرتد على البقاء في الإسلام؛ حذراً من تفرق الوحدة، واختلال النظام، فلو خلي السبيل للذين ينبذون الدين جهرة، ونحن لا نعلم مقدار من يريد الله أن يضله، نخشى من انحلال الجامعة، وضعف الحامية، وأهل الردة - وإن أصبحوا كاليد الشلاء لا تعمل في الجامعة خيراً - لا يخلو بقاؤهم في شمل المسلمين، وهم في صورة أعضاء صحيحة، من إرهاب يلقيه كثرة