ويقول: ما ثمّ وجود قديم خالق، ووجود حادث مخلوق، بل وجود هذا العالم هو عين وجود الله.
وحدثت لذلك العهد مقالة الحلول؛ أي: إن الله يحل في بعض مخلوقاته. ومما جرى على هذا: قول أبي الحسين الحلاّج: "ما في الجبّة إلّا الله". ومن أجل هذه المقالة أفتى الفقهاء والصوفية المستقيمون بخروجه عن الإسلام، وقتل في خلافة المقتدر سنة ٣٠١ هـ.
اتخذ الزنادقة أمثال هذه الآراء الزائغة ذريعة إلى أن يفسدوا على الناس أمر دينهم، ومن أثر هذه الغواية: قول بعضهم زاعماً أن الموحّد والمشرك في العبادة سواء:
وإن خرّ للأحجار في البيد عاكفٌ ... فلا تعد بالإنكار بالعصبيةِ
وإن عبد النار المجوس وما انطفت ... كما جاء في الأخبار من ألف حجتي
فما عبدوا غيري وما كان قصدهم ... سواي وإن لم يظهروا عقد نيتي
قال السعد التفتزاني: الحلول والاتحاد مستحيلان على الله، والمخالفون في هذا منهم نصارى، ومنهم منتمون إلى الإسلام، ثم قال: ومنهم بعض المتصوفة القائلون بأن السالك إذا أمعن في السلوك، وخاض لجة الوصول، فربما يحل الله تعالى فيه كالنار في الفحم، بحيث لا يتمايز به، ويتحد بحيث لا اثنينية ولا تغاير، وصح أن يقول: هو أنا، وأنا هو، وحينئذ يرتفع الأمر والنهي.
ومن أهل العلم من يحسن الظن برجال ينعتون بالصلاح، ويؤثر عنهم مقالات تنطق أو تحوم حول الحلول والاتحاد، فيذهب بها مذهب التأويل، ويخرج بها إلى وجوه تخلصها من ورطة هذه العقيدة المنكرة، ولا أطيل