وقد نظر بعض الحكماء إلى ما يجره الدين من الذلة والهموم، فكرهه حتى لمن تحدثه نفسه أن يقترض مالاً لينفقه في تثبيت سؤدده، فقال:
أخذتُ الدَّين أدفع عن تلادي ... وأخذُ الدين أهلكُ للتلاد
ولا حرج في الدين متى دعت إليه حاجة ملحة، وكان المقترض واثقاً بسماحة نفس المقرض، مع العزم على قضاء الدَّين عند حلول أجله.
يعيرني بالدين قومي وإنما ... تداينت في أشياء تكسبهم حمدا
نحذر من عواقب الإسراف، وندعو إلى الاقتصاد، ولا فضيلة في الاقتصاد إلا بعد أن يؤدي الرجل حق المال؛ من نحو: النفقات الواجبة عليه لأقاريه، والزكوات المفروضة للفقراء والمساكين، وبعد أن يبسط يده بالإعانة على بعض المصالح العامة؛ كإنشاء مساجد، أو مدارس، أو مستشفيات، أو ملاجئ، أو إعداد وسائل الاحتفاظ بسيادة الأمة، والدفاع عن حقوقها.
وليس غنى إلا غنى زَيَّن الفتى ... عشية يعرى أو غداة ينيل
ورُمي محمد بن عمران بالبخل، فقال:"والله إني لا أجمد في الحق، ولا أذوب في الباطل".
ويقولون:"لا تصن كثيراً عن حق، ولا تنفق قليلاً في باطل".
وقيل لكريم بذل في وجوه البر مالاً كثيراً: لا خير في السرف، فقال: لا سرف في الخير.
لا يضر أولي اليسار أن يقتصدوا في أطعمتهم وملابسهم متى كانوا يبذلون أموالهم فيما تكمل به المروءة، وتدعو إليه حقوق المجتمع، بل يزيدهم ذلك الاقتصاد مكرمة على مكرمة.
قال قتيبة بن مسلم: أرسلني أبي إلى ضرار بن القعقاع، وقال لي: قل