وبعد هذا التعفف في مفاخر الجماعة، قال جزء بن ضرار يصف قومه:
فقيرهم مبدي الغنى وغنيهم ... له ورق في السائلين رطيب
كافح الإسلام البطالة، ونصح لمن وقع في فاقة بأن يحتفظ بماء وجهه، ويترفع عن التكفف ما وجد للصبر على العسرة موضعاً، ثم أقبل على أولي اليسار يربي فيهم عاطفة الإحسان، ويقيمها على قواعد حكيمة رشيدة.
نراه قد عني بالإحسان إلى طوائف خاصة ممن يحتاجون إلى أن يعانوا على نوائب الزمان، فأمر بالإحسان إلى ذوي القربى، والآيات والأحاديث الواردة في فضل صلة الرحم، وماتأتي به من خيري الدنيا والآخرة، لا يسع المقام إيرادها، ويكفي شاهداً على ما نقول: أنه حثّ الرجل على أن يحسن إلى أقارب من كان صديقاً لأبيه، قال - صلوات الله عليه -: "إن من أبرّ البرّ صلة الرجل أهل ودِّ أبيه بعد أن يولي".
وأمر بالإحسان إلى اليتامى، ذلك أنهم فقدوا أحضان من كان يرعاهم، ويكفيهم أمر عيشهم، وهم لضعفهم عاجزون عن أن يصلوا إلى قوتهم بأيديهم. وأمر الرجل بالإحسان إلى الجيران، ولو لم تربطهم به رابطة قرابة، قال - صلوات الله عليه -: "ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فليكرم جاره".
وأمر بالإحسان إلى أبناء السبيل، ذلك أنهم يقدمون البلد، وهم يجهلون موارد الرزق منه، أولا تصل أيديهم إلى كسب القوت بسهوله، وقد جمع القرآن الكريم هذه الطوائف، وأمر بالإحسان إليها في آية واحدة، قال تعالى:{وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ}[النساء: ٣٦].
حرض الإسلام على الإحسان إلى ذوي القربى واليتامى والجيران وأبناء