الإفطار في رمضان عمداً إطعام ستين مسكيناً، وكذلك جعل إطعام المساكين للإخلال ببعض واجبات الحج.
علم الشارع وهو علّام الغيوب أن في الناس شحاً، وأن في الناس أهواء طاغية، فلم يكتف بما دعا إليه على وجه التذكير بمكارم الأخلاق من إغاثة الملهوفين، فآذن الأغنياء بأن في الأموال التي تحت أيديهم حقوقاً للفقراء يجب أن يسلموها لهم طائعين أو مكرهين، وقدّر هذه الحقوق بحكمة، وعين لها أوقاتاً، وتلك فريضة الزكاة.
فرضت الزكاة على الأغنياء، والغني في نظر الشارع من يملك عشرين ديناراً فما فوقها، كما فرضت الزكاة فيما يملكه الناس من الأنعام، أو تخرجه المزارع أو الأشجار من الحبوب والثمار. وأحكام الزكاة مفصلة في كتب الشريعة، وإنما نريد التنبيه لعظم فائدتها في إصلاح الأخلاق وحال الاجتماع، حتى استحقت أن تعد في أركان الإسلام الأربعة بعد الشهادتين.
يقع الفقراء العاجزون عن اكتساب أقواتهم في كثير من البلايا:
تعتل أجسامهم لقلة الغذاء الكافي لحفظ صحتهم، وتغتم قلوبهم خوفاً على حياتهم أو حياة من يعز عليهم من أبنائهم وأزواجهم، وقد يحملون في أنفسهم عداء لذوي الأموال؛ إذ يسبق إلى أذهانهم أن الموسرين شاعرون بما هم فيه من البأساء والضراء، ولم يكترثوا بهم.
وحيث كان من مقاصد الإسلام تكوين أمة قوية الأجسام، مطمئنة القلب، متماسكة برباط الوداد والاتحاد، متمتعة بأمن شامل، بادر إلى علاج مرض البؤس والفاقة، ففرض الزكاة على وجه يجعل الفقراء العاجزين عن الكسب في كفاف.