وأما الحياء: وهو انفعال في النفس يمنع من ارتكاب ما لا يليق، فقد كانت عناية الدين به شديدة، حتى جعله - عليه الصلاة والسلام - شعار الإسلام، فقال كما ورد في الصحيح:"لكل دين خلق، وخلق الإسلام الحياء"، وفضلُه في أن يكون معتدلاً، واعتدالُه في أن يمنع من ارتكاب ما لا يليق، ولا يتجاوز إلى الإحجام عما يكون بعيداً.
وقد نبّه - عليه الصلاة والسلام - إلى أن النفس التي تفقد هذا الخلق لا يؤمل منها أن تكون على رشد أو عفاف، فقال:"إذا لم تستح، فاصنع ما شئت".
ولعلكم شعرتم - كما شعرت -: أن كلمة الحرية على ألسنة أشخاص لا يدركون كنهها، ولا يضعونها موضعها، قد أنقصت جانباً من الحياء في نفوس بعض أبنائها، فنجد في شبابنا من لا يبالي أن يقول أو يفعل بحضرة والديه أو المتقدمين في السن من أقاربه أو غيرهم ما لا يقبله الذوق الأدبي، بزعم أنه من مقتضيات الحرية في هذا العصر.
والواقع أن الحياء حلية يزداد بها الشيخ وقاراً، والشاب كياسة، وإني لممن يرى للأب أن يفسح المجال لابنه في أن يتكلم بحضرته في شؤون دنيوية، أو مسائل علمية، حتى يتمرن تحت إشرافه على إبدائه الآراء الصائبة ومناقشتها، وله متى رآه قد حاد عن أدب الحياء بكلمة أو حركة أن ينبهه برفق، ويعظه بحكمة.
وأما صدق اللهجة، فله أثر كبير في شرف النفس، وانتظام الشؤون المدنية؛ فإن من جرب عليه الكذب يكون محتقراً بين الناس، مزدرى به