في مجالسهم، ولا يمكنه أن يدرك بينهم ولو أدنى مرتبة من مراتب السيادة، ثم أن ظهور هذا الخلق عليه يفسد عليه أمر المعاملات، ويجعل رواياته وشهاداته مطروحة إلى وراء.
فلا جرم أن يعنى الدين الذي جاء لإصلاح حال الأفراد والجماعات بفضيلة الصدق، ويحرّم الكذب تحريماً لا هوادة فيه، حتى إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد جعل الكذب في الدرك الأسفل من الرذائل، ونبّه على أنه لا يجتمع مع الإيمان الصحيح في نفس واحدة.
روى مالك في كتاب "الموطأ": أنه قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أيكون المؤمن كذاباً؟ فقال:"لا".
وأما الصبر، فيراد به: طمأنينة النفس، والتزامها السكينة عند حصول مكروه؛ من نحو: ضياع مال، أو فقد عزيز، ويراد منه: الثبات في طلب الأمر المحمود، واحتمال المشاق التي تعترض في سبيله، ومنه: الصبر على الطاعات، ويراد منه: كف النفس عن اتباع الشهوات، وارتكاب المحظورات، ومنه: الصبر عن المعصية.
وكل هذه المعاني الثلاثة مبني على فضل وافر وعقل رصين؛ إذ لا يصبر عند مفاجأة المصيبة، أو عند السعي إلى غاية حميدة، أو عند طغيان الشهوات، إلا الراسخون في العلم بمصادر الأمور وعواقبها، ومن هنا كان الصبر بمعانيه الثلاثة في مقدمة الأخلاق التي شملها الإسلام برعايته.
ومن مزايا الصبر: أن يساعد الإنسان على الاقتصاد في معيشته، ويحميه من أن يقع في غمِّ الدين ومذلَّته.
وأما العزة، وهي أن يعرف الإنسان قدر نفسه، ولا يرضى لها أن تُمس