وقال مسلم بن قتيبة: المروءة: الصبر على الرجال، أي: الصبر على المكاره في معاشرتهم وقضاء مآربهم.
وقال ابن هبيرة: المروءة: إصلاح المال، والرزانة في المجلس، والغداء والعشاء في الفناء. ويريد من إصلاح المال: تنميته، والتصرف فيه على وجه الصلاح، وكنّى بالغداء والعشاء في الفناء، عن: الكرم والسخاء.
وقال معاوية: المروءة: ترك اللذة.
واللذات التي يعد تركها مروءة هي اللذات المحظورة على الإطلاق، واللذات الملهية عن الازدياد من الحمد، وإن لم تكن من المحظورات.
وعبارات هؤلاء البلغاء والحكماء لا تخالف قول اللغويين: المروءة: كمال الرجولية؛ لأن البلغاء قد يتسامحون في بيان معاني الألفاظ، فيقتصر الواحد منهم على بعض المعنى؛ اهتماماً بشأنه، وحرصاً على أن يضعه نصب عين السائل؛ ليكون ذلك أدعى إلى عنايته به، ومحافظته عليه.
وننظر في كتب الأخلاق، فنرى بعضها يفسر المروءة بعِظَم النفس، ووجه هذا التفسير: أن عظم النفس هو المنمِّي لمكارم الأخلاق، ومحاسن الآداب، وعلى هذه المكارم والمحاسن يقوم كمال الرجولية.
ولا خلاف بين من تحدثوا عن المروءة أن هناك آداباً لا يعلو مقام الرجل في المروءة إلا بالمحافظة عليها. وبين أيدينا منابع للمروءة عذبة صافية هي الكتاب الحكيم، وسيرة النبي الكريم - صلوات الله عليه -. وإن في آثار العظماء من السلف بعد ذلك لعبرة.
وها أنا أسوق إلى حضراتكم جملة من تلكم الآداب كأمثلة يزداد بها