من أدب صاحب المروءة: أن يكون ذا أناة وتؤدة، فلا يبدو في حركاته اضطراب أو عجلة؛ كأن يكثر الالتفات في الطريق، ويعجِّلَ في مشية العجلة الخارجة عن حد الاعتدال، وأما السرعة بمعنى: عدم التباطؤ والتثاقل، فدليل الحزم، والحزم من مقوِّمات المروءة.
ويتصل بهذا الأدب: أن يكون الرجل متئداً في كلامه، يرسل كلماته مفصلة، ولا يخطف حروفها خطفاً حتى يكاد بعضها يدخل في بعض.
وحيث كان لحسن البيان دخل في كمال الرجولية، صحَّ أن يعد في مظاهر المروءة. وينبّهُ لهذا قول عمر بن الخطاب: تعلموا العربية، فإنها تزيد في المروءة.
ومن أدب صاحب المروءة: أن يضبط نفسه عن هيجان الغضب، أو دهشة الفرح، ويقف موقف الاعتدال في حالي الضرّاء والسرّاء.
ولسْتُ بِمفْراحٍ إذا الدهرُ سرَّني ... ولا جازع مِنْ صرْفِه المتقلِّبِ
ومن هنا نرى ذا المروءة لا تطيش به الولاية في زهو، ولا ينزل به العزل في حسرة.
عدل معاوية عن تولية الأحنف بن قيس ثغر الهند، فقال له زياد: إن الأحنف بلغ من الشرف والحلم والسؤدد ما لا تنفعه الولاية، ولا يضره العزل.
وقال قاضي قرطبة محمد بن بشير: والله! لا أبالي في الحق من مدحني أو ذمّني، وما أُسرُّ للولاية، ولا أستوحش من العزل.
ومن أدب صاحب المروءة: الصراحة والترفع عن المواربة والنفاق، فلا يبدي لشخص الصداقة، وهو يحمل له العداوة، أو يشهد له باستقامة