وما يلحقها من زخارف أو علّة. وأعظم من هاتين الهمتين همة من جمع بين درس الأخلاق والعروض.
أخذ بعض أهل العلم يدرس العروض بعد أن بلغ من الكبر عتياً، ولما لامه بعض أصحابه على اشتغاله بهذا العلم الصغير، وهو شيخ كبير، قال له: شهدت مجلس قوم كانوا يتحاورون في هذا العلم، ولم أكن على معرفة به، وكان نصيبي بينهم السكوت، فأخذتني ذِلّة.
فمن درس علماً فأتقنه، ثم بسط نظره في علوم أخرى، كان أعظم همة ممن درس علماً، ثم قعد لا يلقي لغيره من العلوم بالاً، ولا يعرف لثمرها اللذيذ طعماً.
كان لطلاب العلم في الشرق حرص على أن يستكثروا من العلم، ويضعوا أيديهم في فنون شتى، وما كانت رغبة الواحد منهم في الاطلاع على العلوم والفنون بعائقة له عن أن يرسل نظره في بعضها حتى يرسخ فيها فهماً، ويأخذ بأطرافه علماً، ويرقى إلى المنزلة التي تسمى:"تخصّصاً".
فشيخ الإسلام ابن تيمية كان طوداً راسخاً في علوم الشريعة، وأضاف إلى رسوخه في هذه العلوم أن بلغ في علوم اللغة مرتبة تخوله أن يخطئ سيبويه في نحو أربع عشرة مسألة في علم النحو.
وهذا حجة الإسلام الغزالي كان متضلعاً من علوم الشريعة ووسائلها، وجمع إلى تضلعه في هذه العلوم أن كان يهاجم الفلاسفة في كثير من آرائهم، ويناقشها بمنطق وروية.
وهذا القاضي عبد الوهاب بن نصر كان فقيهاً نحريراً، وأديباً فائقاً، وهو الذي يقول فيه أبو العلاء المعري: