فعظم الهمة يدعو طلاب علوم الشريعة الإسلامية أن يمدوا أنظارهم إلى هذه العلوم الحديثة؛ ليكونوا منها على بصيرة، وليزدادوا بها بينة على بيناتهم المفحمة لهذه الفئة التي تزعم أن بين الدين والعلم خلافاً، وأن من العلم ما لا يستقر مع حقائق الدين في نفس واحدة.
ومن عظم همة القائم على بعض هذه العلوم الحديثة: أن يأخذ نفسه بالاطلاع على حقائق الإسلام وآدابه؛ ليحرز بها الكمال والسعادة، وليتعالى عن أن يمشي وراء نفر يجتمعون على أن يحاربوا ما في هذا الدين القيّم من حكمة وفضيلة.
تتفاوت الهمم في العلم الواحد من ناحية الاطلاع على مسائله، ثم من ناحية التصرف في هذه المسائل بتحقيق النظر، وإجادة البحث.
فطالب العلم الذي لا يدع باباً من أبوابه إلا ولجه، ولا يغادر بحثاً من مباحثه المهمة إلا ألمَّ به، يكون أعظم همة ممن لا يطرق منه كل باب، أو لم يعرج فيه على كل مسألة قيمة.
وطالبُ العلم الذي يخوضه بنظر حر، ويتناول مباحثه بنقد وبصيرة، يكون أعظم همة ممن يجمع مسائله حفظاً، ويتلقاها كما يتلقاها "حاكي الصّدى"، لا يكلفك غير إملائها عليه.
وطالب العلم الذي يتحرى لبابه، ويجول في أصوله، يكون أعظم همة ممن يقضي الزمن في قشوره، ويحبس النظر في دائرةٍ ضيقة من فروعه.
وكذلك ترى الأستاذ النحرير يبخل بأوقاته النفيسة عن أن ينفقها في