للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العظام منبه عليها في كتب الأحكام، ولا يعد شيء منها فيما يصح الاقتداء به إلا أن يراه بعض المجتهدين صحيح الاستنباط، ثابت الأصل، فحكمه العمل على ما رأى.

يُسأَلُ العالم ذو الخلق العظيم عما لا يعلم؛ فلا يجد في صدره حرجاً أن يقول: "لا أعلم".

وهذه سيرة علمائنا الأجلاء، يُلقى على الواحد منهم السؤال في العلم الذي علا فيه كعبه، فإذا لم يحضره الجواب، أطلق لسانه بكلمة: "لا أدري" غير مستنكف ولا مبال بما يكون لها من الأثر في نفوس السائلين، وإذا فاته أن يجيب طالب العلم عما سأل، لم يفُته أن يعلمه خلقاً شريفاً هو أن لا يتحدث في العلم إلا على بصيرة، فيحفظ مقامه من أن يرمى بضعف الرأي إن كانت المسألة من قبيل الدراية، أو بقلة الأمانة إن كانت عائدة إلى الرواية، ولأن يقال: سئل فقال: لا أدري، خير من أن يقال: سئل، فقال خطلاً، أو روى ما لم يكن واقعاً.

قال ابن هرمز: ينبغي للعالم أن يورث جلساءه قول: "لا أدري".

والمسائل التي قال فيها كبار العلماء: "لا أدري" بالغة من الكثرة ما لا يحيط به حساب.

سأل رجل مالك بن أنس عن مسألة، وذكر أنه أُرسل فيها من مسيرة أشهر من المغرب، فقال له: أخبر الذي أرسلك أنه لا علم لي بها، قال: ومن يعلمها؟ قال: من علم الله.

وسأله آخر عن مسألة استودعه إياها أهل المغرب، فقال: "ما أدري ما هي"، فقال الرجل: يا أبا عبد الله! تركت خلفي من يقول: ليس على وجه