للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الغد قال أبو الفضل لأهل مجلسه، بعد أن قرَّب ابن العربي إليه: إني قد قلت لكم بالأمس: إن رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - طلّق وآلى وظاهر، وإن هذا أرشدني إلى أنه لم يظاهر، وهو كما قال، وإنه شيخي في هذه المسألة.

من الأمانة: الرجوع إلى الحق، وهو كمال لا تحرص عليه إلا نفوس ذللت لها سبل المكارم تذليلاً.

ومن الأمانة: أن تنقد الآراء، ولا تغمض فيما تراه باطلاً، وإن كان بينك وبين صاحبها صلة الصداقة أو القربى.

قدّم أبو جعفر أحمد بن يوسف الفهري للملك المستنصر في تونس كتاباً في النحو، فدفعه المستنصر للأستاذ أبي الحسن حازم، فزار أبو جعفر حازمًا يوماً، فرأى الكتاب بين يديه، فقال: يا أبا الحسن! "وعين الرضا عن كل عيب كليلة"، فقال له حازم: أنت سيدي وأخي، والعلم لا يحتمل المداهنة، فقال له أبو جعفر: فأخبرني بما عثرت عليه، فاراه مواضع، فسلَّمها، وأصلَحها بخطه.

ومن أمانة العالِم: أن لا يفتي أو يقضي بما يراه باطلاً، فحرام عليه أن يفتي أو يقضي برأي غيره، وهو لا يتردد في بطلانه، ويبقي النظر في المسائل التي تعود إلى الاجتهاد، ولا يتعدى حكمها مراتب الظنون، وهذا ما يمكن أن يكون موضع اختلاف الفقهاء في قضاء العالِم أو إفتائه بغير مذهبه؛ كأن يقضي بين خصمين من أتباع بعض المذاهب على مقتضى المذهب الذي تقلداه.

كان العالم الجليل قاسم بن محمد بن سيّار يفتي في الأندلس بمذهب مالك، وهو يخالفه في كثير من المسائل، فقال له أحمد بن خالد: أراك تفتي