ومن الأحاديث الدالة على ما يورثه العدل من شرف المنزلة عند الله تعالى: قوله - عليه الصلاة والسلام -: "إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن -عَزَّ وَجَلَّ--، وكلتا يديه يمين: الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا"(١)، وهذا كناية عن شدة قربهم من رب العالمين، وفوزهم برضوانه، وفي ذكر:"الرحمن" تربية للرجاء والثقة بأن الحاكم العادل يجد من النعيم ما تشتهيه نفسه، وتلذه عينه، شأن من يكون قريب المنزلة من ذي رحمة وسعت كل شيء.
وإن شئت مثلاً من آيات الوعيد، فانظر في قوله تعالى:{يَادَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ}[ص: ٢٦]، تجد الآية تنادى ي بن الفصل في القضايا جريًا مع الأهواء ضلال عن سبيل الله، والضلال عن سبيل الله ملقٍ في شديد من العذاب. ومن ذا الذي يستخف بعذاب وصفه الكبير المتعال بالشدة، ويشتريه بمتاع من هذه الحياة إلا من سفه نفسه، ولم ينفذ الإيمان إلى سويداء قلبه؟.
فلهذه الآية أثر بليغ في النفوس المطمئنة بالإيمان.
كان أحمد بن سهل جاراً لقاضي مصر بكار بن قتيبة؛ فحدث أنه مر على بيت بكار في أول الليل، فسمعه يقرأ هذه الآية، قال: ثم قمت في السحر، فسمعته يقرؤها ويرددها. فلا عجب أن يكون بكار هذا من أعدل القضاة حكماً، وأشرفهم أمام أولي الأمر موقفاً.
ومن الأحاديث الواردة في الوعيد على الجور في القضاء: قوله - صلى الله عليه وسلم -: