ولم يبق اليوم بعد أن ظهر من نتائج العلوم الكونية من أمثال هذه الغواصات والطائرات والمقذوفات ووسائل المخابرات من لا يرجع إلى قوله تعالى:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ}[الأنفال: ٦٠]، ويتفقه فيها أكثر مما كان يتفقه، ويشهد بن العلوم التي يسمونها: الطبيعيات والرياضيات هي من فروض الكفايات التي يجب أن تقوم عليها طائفة من الأمة، فإن الله لا يرضى لها إلا حياة العزة والكرامة، وهي لا تحيا هذه الحياة إلا أن تكون على بينة مما يعلم أو يصنع خصومها.
وأما الأخلاق الشريفة، فإن الإسلام لم يدع مكرمة إلا نبه على مكانها، وندب على التجمل بحليتها، وقد عُني بمزايا هي أساس رقي الأمة وانتظام حياتها الاجتماعية؛ كالصدق والأمانة، والعفاف، والحلم، والعفو، والتراحم، والعدل، وعزة النفس والشجاعة، وحرية الضمير والإقدام على قول الحق وبذل المال في وجوه البر، وسنبحث في هذه المزايا ببسط القول، وإقامة الشواهد في مقام آخر - إن شاء الله -.
وأما العمل النافع، فإن الدين يحث على العمل لهذه الحياة كما يحث على العمل للحياة الأخرى، وجعل لعمل الشخص في هذه الحياة نصيباً من ثواب الآخرة - فوق ما يناله من منفعة عاجلة - متى كان قصده من العمل خالصاً.
ولما نسميه أعمالاً أخروية - وهي العبادات - الأثرُ الطيب في الحياة الدنيا قبل الحياة الآخرة، أليست الصلاة المقرونة بحضور القلب وعمارته بجلال الله تنهى عن الفحشاء والمنكر، وتكف يد صاحبها عن أن يعمل سوءاً.