للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتحميه من جرائم شأنها أن تجره إلى عقويات بدنية أو مالية، وفيها - بعد هذا - غنى عن طائفة من الشرط والسجون ينفق عليها أولو الأمر أموالاً طائلة؟!.

أو ليس في الصيام رياضة النفوس، وتدريبها على احتمال المكاره، والصبر عن الشهوات حتى لا تكون أسيرة في ملاذها؟! وفي النفوس التي اعتادت الصبر عما تشتهي- وهو حاضر لديها- قوة وجلادة لا تجدها في النفوس التي لا تكف عن المشتهيات إلا عند فقدانها، فالصيام بحق يشفي النفوس من علّة الانحطاط في الشهوات كلما عرضت، ويسبكها في صورة النفوس القوية التي يسهل عليها أن تنصرف عن ملاذها ساعة ترى الخير في الانصراف عنها.

أو ليس في الحج فوائد اقتصادية واجتماعية، لو وجه إليها زعماء الحجيج عنايتهم، لعادوا إلى أوطانهم بما ينفعهم في الأولى، بعد أن قدموا للآخرة من العمل الصالح ذخراً باقياً؟!.

ولا أرى حاجة إلى أن أذكر في هذا النسق فريضة الزكاة؛ فإن أثرها في سد حاجات كبيرة من حاجات الأمة ظاهر ظهور الشمس في كبد السماء.

ولم يشرع الدين من العبادات ما يضيق به وقت العمل للحياة مقدار أنملة، فنحن نرى الذين هم عن الآخرة غافلون، يشغلون جانباً من أوقاتهم في راحة ولهو، أفلا يحق للمؤمن أن يقضي جزءاً من وقت راحته في الوقوف بين يدي الخالق ابتغاء رضوانه، وهذا الجزء لا يزيد على ساعة في اليوم والليلة إذا شاء؟! ليفعل هذا، وليقس حياته بحياة من يصرف أوقاته في جمع المال، وإذا انتقل عنه، فإلى راحة ولهو، فإنه يجد من طمأنينة القلب وارتياح النفس ما يجعل عيشه أهنأ، وحياته أطيب، مصداق قوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا