وإماتة هذا: أن ألقي أمرهما إلى من لم يذق للغيرة عليهما طمعاً.
ماذا يكون العمل في قضية الاعتداء على هتك عرض الفتاة إذا أسندت إلى من تقلب في بيئة لا تعرف للعفاف سبيلاً؟ وماذا يكون العمل في قضية الاعتداء على الدين، إذا وضعت بين يدي من لا يرى له حرمة، ولا يرعى للأمة التي تعتصم به ذمة؟ وكيف تدار مدرسة ترجع نظم التعليم فيها إلى من يؤثر اللهو على الجد، ويفتنه زخرف الحياة عن طرق الرشد التي تخرج رجالاً يعملون صالحاً، ويبتكرون عظيماً؟
ونحن نرى في الشعوب من حيل بينها وبين واجبات دينها، وأكرهت على التعامل بغير ما لم تأذن به شريعتها، واستبد عليها في طريقة تعليم أبنائها، ذلك لأنها وقعت تحت ذي قوة استضعفها، ولم يكن له نصيب من الغيرة على شريعتها!.
إن أمة لها دين قيم، وشرع حكيم، ومجد لم يصف التاريخ له من نظير، لا يستقيم أمرها إلا لمن يغار على شرعها، أو يتودد لها باحترامه، والمحافظة على أصوله.
وإذا حكى لنا التاريخ أن ذا سلطان آذى أُمة إسلامية في دينها، أو قهرها بالسيف، أو بوسيلة التعليم على أن تنسلخ من هداية ربها، فلأنه إنما وضع سلطانه على رؤوس جماعات متفرقة غافلة، أما الأمم المتيقظة التي تقدر الحق قدره، فليس من السهل على ذي القوة أن يؤذيها في دينها، ويستخف بالحقوق التي قررها شرعها، إلا أن يكون جهولاً بالعواقب، أو غير راغب في أن يكون سلطانه ثابت القواعد.
الغيرة على الحق تتمثل فيمن ينظر إلى الدليل، ويصدع بما أراه الله،