للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يتفاضل الناس في الشجاعة، فمنهم من يقدم على مواقع الخطر، ويخوض عبابها ثابتَ الجنان، حتى يفوز بالظفر، أو يلاقي مصرعه.

قال السريّ الرفاء في سيف الدولة:

وأغرَّ يأنفُ أن يَصُدَّ عن الوَغى ... حتّى يُذِلَّ معاطِساً وأُنوفا

وقال المعتمد بن عباد:

ما سِرْتُ قَطُّ إلى القتا ... لِ وكان من أملي الرجوع

وقال أبو تمام في مدح محمد بن حميد:

فأثْبتَ في مُستَنقَعِ الموتِ رِجْلَهُ ... وقال لها مِنْ تحتِ أخْمُصِكِ الحَشْرُ

وهذا المصنف من الأبطال هم الذين يفخرون، أو يمدحون بأن الطعن لا يقع في ظهورهم قط، وإذا طُعنوا، ففي وجوههم، أو صدورهم، قال الحصين بن الحمام:

ولسْنا على الأعقابِ تدمى كُلومُنا ... ولكنْ على أقدامِنا تُقْطَرُ الدِّما

ومن أهل هذه الطبقة: أولئك الذين يصفونهم في مواقع الخطوب بطلاقة المحيا، أو ابتسام الثغر، أو ابتهاج القلب، قال ابن الحسين:

تمر بك الأبطالُ كَلْمى هزيمةً ... ووجْهُكَ وَضَّاحٌ وثغرُك باسمُ

وقال ابن هانح:

كأنَّ لواءَ الشَّمْسِ جعفَرٍ ... رأى القِرْنَ فازدادَتْ طلاقتُه ضِعفا

وقد يحدثونك عن قوة شجاعة القوم، فيصفونهم بأنهم يلذَّون ذكر المنايا، ويطربون لأحاديث الحروب: