وطنية: أن تؤكد أواصر الإخاء بينها، وتجعل المصلحة العامة نصب أعينها، وتوجه ما تستطيع من قوة إلى من يريد القضاء على دينها، أو الاستئثار بمنافع بلادها.
لما تحفز الملك "الأذفونش" للهجوم على بلاد الأندلس، عقد كبراؤها مؤتمرًا للنظر في دفاعه، وقرروا الاستنجاد بسلطان مراكش "يوسف بن تاشفين"، ولما أبدى بعضهم التخوّف من أن ينقذ هذا السلطان البلاد من "الأذفونش"، ثم يضع عليها يده، قال له المعتمد بن عباد:"لأن يرعى أبناؤنا الجمال خيرٌ من أن يرعوا الخنازير".
ومن أساليب الدهاة في القديم: أن يسوسوا الجماعة الناشزة بأيدي رجال منهم، قال عباد بن زياد يصف زيادًا لعبد الملك بن مروان:"قدم العراق، وهي جمرة تشتعل، فسلَّ أحقادهم، وداوى أدواءهم، وضبط أهل العراق بأهل العراق". وهو أسلوب بعيد الشأو، ظاهر الأثر، قد يأخذ به ذو السياسة الرشيدة لزيادة تأليف القوم، وتأكيد الإخلاص في نفوسهم. دلت السيرة النبوية على هذا الضرب من السياسة، ومن شواهده: ترتيبه - عليه الصلاة والسلام - الجيش يوم فتح مكة؛ إذ نظمه على حسب القبائل، وجعل على رأس كل قبيلة واحداً من سراتها.
وعلامة كون السياسة رشيدة: أن يوضع أمر القوم في يد من ينصح لهم، ويرعى مصالحهم، ويعمل لسعادتهم.
ومما يتخذه الدهاة في وسائل أخذ القوم إلى جانبهم: بذل شيء من المال إلى ذوي النفوذ من رجالهم، وهذا أحد الوسائل التي استطاع بها معاوية - رضي الله عنه - أن يقف تجاه عليّ - كرم الله وجهه -، ويأخذ منه شطر الخلافة،