المفصلة في الكتاب والسنّة، أو المندرجة في الأصول المأخوذة منهما. وقاعدة الشورى التي قررها القرآن الكريم، وجرى عليها الخلفاء الراشدون كافلةٌ بصحة الاجتهاد في الأحكام المستنبطة من الأصول، أما النظم التي تقوم بها الشورى على وجهها الصحيح، فموكولة إلى الآراء الراجحة، وما تقتضيه مصالح الأمم أو العصور، فالإسلام لم يترك السلطة التي وضعها في أيدي الأمراء مطلقة عن التقيد، وإذا استهان بعض الأمراء بقاعدة الشورى، فإن التشريع تام، والوِزْر على من لم يأخذ نفسه بما قرره الشرع العزيز.
وإذا كان بعض الأمراء هم الذين خرجوا عما حده الإسلام لسلطتهم الدينية، فحكمة الكاتب متى كان مسلمًا أن يقرر الحد الذي رسمه الإسلام، ويبين للناس كيف تعداه أولو الأمر؛ ليطالبوهم بالوقوف عنده، لا أن يقول كلاماً مبهماً، ويبني عليه المناداة إلى شهوة هي فصل الدين عن السياسة.
ويقول صاحب المقال:"وقد عاد اجتماع السلطتين بلاءً عليهم؛ إذ أصبحت الرياسة الدينية والدنيوية في الواقع في قبضة تلك الدول التي نازعتهم، كما هو مشاهد الآن".
لسقوط الشعوب الإسلامية في قبضة تلك الدول التي نازعتهم أسباب ليس الجمع بين السلطتين منها في شيء، ومن طبيعة سيطرة تلك الدول عليهم أن تتصرف في شؤونهم على طرق لا تحفظ حقوقهم، ولا تراعي فيها مصالحهم، وهل ينقص هذا البلاء لو أن المسلمين أعلنوا فصل سياستهم عن الدين قبل أن يسقطوا في أيدي هذه الدول المنازعة لهم؟!.
حِرْص الكاتب على شهوة فصل الدين عن السياسة جعله يورد في معرض التسويق إليها ما ليس بحق، ولا يشبه أن يكون حقاً، بأي طريق عرف