بين السلطتين، فصار ذلك الفصل مصدراً لفائدة الأمة، وحمايتها من التلاشي والانهيار، فلم يضرها اختلاف الدول فيها لوجود الرياسة الدينية قائمة في حدود سلطتها وتخصصها. ولذلك بقيت وحدتها خالدة في عصمة من الانشقاق والتدهور الذين أصابا الوحدة الإسلامية".
وقع تفرّقٌ في الممالك الإسلامية، وأصبح كل أمير مستقلاً بالنظر في أمور قطره، فكانت النتيجة من استقلال كل أمير بملكه، مع تقاطع هذه الممالك وتدابرها: انحلال الرابطة الإسلامية، وزوال الوحدة المقصودة من التشريع الإسلامي.
فسبب إخلال النظام العام، أو أحكام الخلافة: انقسام الأمة الإسلامية إلى دول انقسامًا غير مصحوب بشيء من التحالف والتعاطف، أما إن كل أمير يرجع إليه النظر في شؤون رعيته الدينية، فذلك من لوازم الإمارة في الإسلام، فلم يكن لعدِّ الأمير المستقل نفسه حارساً للدين في مملكته الخاصة دخل في اختلال النظام، فوهْنُ المسلمين جاء من جهة استقلال كل أمير بطائفة من المسلمين استقلالًا يقطع بينها وبين الدولة العظمى صلة التناصر والتعاون، لا من جهة أن رعاية الدين داخلة في سياسة كل دولة.
ويقول الكاتب: "بعكس الأمم الأخرى التي تنبهت إلى حكمة الفصل بين السلطتين، فصار ذلك الفصل مصدراً لفائدة الأمة، أو حمايتها ... إلخ".
وهذا صريح في أن الكاتب يريد من الدول الإسلامية أن تفعل ما فعلته الدول الغربية من تجريد السياسة من الدين، وهو رأي لا يصدر إلا ممن يكنّ في صدره أن ليس للدين من سلطان على السياسة، وهذا ما بيتّه فئة يريدون أن ينقصوا حقيقة الإسلام من أطرافها حتى تكون بمقدار الديانة المسيحية، ثم