للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحوادث التي تلتها، والتي تألبت فيها أوربا على الأمم الإسلامية، فإن للكنيسة والجمعيات الدينية المختلفة التي تستمد سلطتها منها أثرها الفعال في بقاء وانتشار المسيحية، وتأثيرها في سياسة العالم".

ليس في الإسلام سلطة دينية تشبه السلطة الكاثوليكية، والسلطة الدينية في الإسلام لكتاب الله، وسنّة رسول الله؛ {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: ٥٩].

وعلى العلماء البيان، وعلى الأمراء التنفيذ، فإن أراد الكاتب من السلطة: البيان، فالبيان حق لكل عالم تفقه في أصول الشريعة ومقاصدها، فلا يختص به عالم دون آخر، ولا يعد بيان العالم الذي تعينه الأمة للبيان أرجح من بيان غيره، إلا أن تكون حجته أقوى، وإذا كان الأمر للحجة، فما معنى تعيين شخص ليكون مصدر البيان في كل حال؟ فإن أراد من السلطة: التنفيذ، فليس له معنى سوى أن تأكل الأمة إلى شخص القيامَ بتنفيذ أحكام الدين على أن تكون هي يده التي ينفذ بها، وسلاحه الذي يدافع به من يعارض في التنفيذ، وذلك معنى الخلافة المعروفة في الإسلام.

قال صاحب المقال: "ولو رزق المسلمون رجالاً ينظرون بعين الناقد البصير - من قبل قرنين -، وفصلوا الدين عن السياسة، لكان للإسلام اليوم من الشأن والسيادة في الممالك التي اغتصبتها الدول الأوربية ما لا يقل عما للفاتيكان، وما كان خطر الاستيلاء الأجنبي عليهم عظيماً".

كلام يروج، ولكن في غير هذا الوادي، ويُتقبل، ولكن بعقول لم تستنر بهداية، يأسف صاحب المقال على الشأن والسيادة اللذين فاتا للمسلمين لعدم فصلهم الدين عن السياسة من قبل قرنين، ويرى أن إبقاءهم الدين في جانب