روح الأدب الذي يجعلهم أولياء لعشيرتهم، نصحاء لأمتهم.
ثانيها: تهاون بعض الآباء بواجب أبنائهم، إذ يرسلون الناشئ إلى معاهد العلم باوربا قبل أن يتلقن من علوم الدين ما يجعل عقيدته مطمئنة، فيلاقي في أثناء الدراسة هنالك، أو في بعض المحادثات شُبهاً لا يجد في نفسه من الحجج ما يدفعها، وإذا تواردت الشبه على الناشئ، رانت على قلبه، وأصبح يبصر وجه الحق أسود قاتما، فيعود إلى وطنه وهو يحمل لأبويه عقيدة أنهما في ضلال قديم، وذلك جزاء من يستهين بهدى الله، ولا يهمه إلا أن يكون لابنه مورد رزق واسع، أو منصب في أحد الدواوين.
ثالثها: أن كثيراً من الحكومات الإسلامية ضعف فيها روح الاعتزاز بالدين الحنيف، فاستباح واضعو برامج التعليم العام في مدارسها أن لا يضربوا لعلوم الدين بسهم، ومن يضرب لها، فبسهم لا يغني من جهل، والتعليم الذي يهضم فيه جانب العلوم الدينية، لا يرجى منه تهيئة نشء تتساقط عليهم الشبه فيطردونها، أو توسوس إليهم الشياطين فيستعيذون منها.
وإذا كان سوء الأخلاق الذي هو علة اختلال النظام، ينشأ من زيغ العقيدة تارة، ومن طغيان الشهوات تارة أخرى، فإن الإسلام دين ينير العقول بالحجة، ويهذب النفوس بالحكمة، ولكم أخرجت مدارسه، أو مجالس القوّامين على هدايته من رجال يلاقون الأسود فيصرعونها، ويجارون الرياح فيسبقونها، يخفضون أجنحتهم تواضعا للمستضعفين، ويرفعون رؤوسهم عزّة على الجبارين، تعترضهم الأخطار، فيخوضون غمارها، وتعتل قلوب أو عقول، فيضعون الدواء موضع عللها، عدلٌ كأنه القسطاس المستقيم، وسخاء كانه الغيث النافع العميم، وجدٌّ في طلب العلم وإن كان بمناط الثريا، وطموح