قوة بيانه لينقذه من عقوبتها، فهو أخو الجاني، وعليه نصيب من وزر الإخلال بالأمن والفساد في الأرض.
ورئيس الدولة الذي يقدر الأمن العام قدره يمنح القضاء حريته، فلا يتدخل في شأن من شؤونه، ويساعد على تنفيذ الأحكام، ولو كان الحكم صادراً عليه، أو على بعض شيعته.
كان المنصور بن أبي عامر ملك قرطبة في مجلس عام يسمع فيه شكوى المظلومين، فنادى رجل من العامة: يا ناصر الحق! إن لي مظلمة عند ذلك الفتى الذي هو قائم على رأسك، وقد دعوته إلى الحاكم، فلم يحضر. فقال المنصور: أو عبد الرحمن بن فطيس (يعني: صاحب المظالم) بهذا العجز والمهانة، وكنا نظنه أمضى من ذلك؟!، ثم قال المنصور: ما أعظم بليتنا بهذه الحاشية، وقال للفتى: انزل صاغراً، وساو خصمك في مقامه حتى يرفعك الحق أو يضعك، ففعل، وقال لصاحب شرطته الخاص: خذ بيد هذا الظالم، وقدمه مع خصمه إلى صاحب المظالم، لينفذ عليه حكمه بأغلظ ما يوجبه الحق من سجن أو غيره. وبعد أن نفذ عليه صاحب المظالم حكمه، أبعده المنصور من خدمته.
ومن أهم وسائل الأمن الشامل: أن يكون الملقى على كواهلهم أمرُ المحافظة على الأمن ذوي حزم، وغيرة على الحقوق والنظام؛ بحيث لا تأخذهم غفلة عن الأفراد والجماعات التي شأنها تعكير صفو الأمن، ويكونون على أهبة في كل ساعة من ليل أو نهار للضرب على يد كل من يحاول الاعتداء على نفس أو دين أو عرض أو مال، وإنما يفضل القائم على أمر الأمن بمثل هذه الأهبة التي تساعد على صد حوادث الفساد قبل وقوعها، أو قطعها قبل