استفحال أمرها، والناس يمدحون الأهبة لمكافحة الحوادث، ويجدونها من أكبر مظاهر الحزم واليقظة.
قال مسلم بن الوليد يمدح يزيد بن مزيد الشيباني:
تراه في الأمن في درع مضاعَفَةٍ ... لايأمن الدهر أن يأتي على عَجَلِ
تتمتع الأمة براحة البال متى كان المسؤولون عن الأمن في حزم ويقظة، ومن متممات الحزم واليقظة: أن يوجهوا عنايتهم إلى الغاية التي نيطت بعهدتهم، لا يشغلهم عنها شاغل ولو طرفة عين، وأن يحملوا في صدورهم قلوب آساد لا تلوي جباهها عن كفاح؛ كما قال لقيط بن يعمر فيمن ينبغي أن يوكل إليه أمر الدفاع:
لا مترفاً إن رَخِىُّ العيش ساعده ... ولا إذا حلَّ مكروه به خضعا
مسهر النوم تعنيه أموركم ... يروم منها على الأعداء مطلعا
فليس يشغله مال يثمره ... عنكم ولاولد يبغي له الرفعا
ومن وسائل انتظام الأمن العام: مكافحة البطالة؛ فإن البلاد التي تكثر فيها طرق الاكتساب من نحو الزراعة والصناعة والتجارة، وتكون عامرة بالجمعيات الخيرية والملاجئ؛ بحيث يجد صحيح البنية طريق العمل ميسوراً، ويجد العاجز باب البر مفتوحاً، يقل فيها ارتكاب جريمة الاعتداء على الأموال التي تفضي في كثير من الأحوال إلى سفك الدماء.
ومكافحة البطالة ترجع إلى أغنياء الأمة، ورجال الدولة، فأغنياء الأمة يستطيعون عقد شركات تجارية أو زراعية أو صناعية، فتكون طرقاً لاكتساب كثير من أرباب العائلات معايشهم.