أما رجال الدولة، فشأنهم تدبير كل ما يعود على ذوي الحاجات بالرفق واليسر.
وإذا ساد الأمن في البلاد، وقلَّ الاعتداء على النفوس والأعراض، شعر الناس بطمأنينة، وعاشوا في راحة وصفاء، ولم يجهدوا أنفسهم في اتخاذ وسائل السلامة.
وطمأنينة القلوب أهم ركن من أركان الحياة الطيبة، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أصبحت آمناً في سربك، معافى في بدنك، عندك قوت يومك، فعلى الدنيا وأهلها العفاء". والأمن في السرب يراد به: الأمن في طريق الحياة.
وقد جعل القرآن الكريم اطمئنان النفوس من أعظم نعم الله على الناس، فقال تعالى: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (٣) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} [قريش: ٣ - ٤].
فامتن على قريش بالإطعام من الجوع الذي هو أساس الحياة الجسمية، وأتبعه بالامتنان عليهم بالأمن من الخوف، ذلك أن التمتع بالحياة الجسمية لا يتم إلا مع راحة النفوس، وعدم اضطرابها بالخوف من الأيدي العادية.
وكذلك نرى القرآن المجيد قد جعل الخوف فيما ينتقم به الله من الجاحدين المجرمين، فقال تعالى:{وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ}[النحل: ١١٢].
أراد تعالى أن يصف أهل قرية بأنهم كانوا على ما يرام من سعادة الحياة، فأشار إلى ذلك بأنهم كانوا آمنين من المخاوف، وكانوا في سعة من العيش، ثم أراد التنبيه لما يوقعهم فيه الكفر بالنعم من شقاء، فذكر ابتلاءهم بضيق