للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقد ولي الملك بالقيروان وهو في سن العشرين، وكان حسن السيرة، رفيقاً بالرعية، كثير الصدقات، وكان مولعاً بالعمارة، فبنى بأفريقية حصوناً كثيرة الحجارة والكلس وأبواب الحديد.

ومن هؤلاء العظماء: باديس بن المنصور، فقد تولى الملك بالقيروان وعمره إحدى عشرة سنة، وكان ملكاً كبيراً، حازم الرأي، شديد البأس، وأذكر من مآثره: أن الفقيه الزاهد محرز بن خلف بعث إليه بكتاب يعظه فيه، ويطلب رفع مظلمة وقعت على أحد تلاميذه، ومما يقوله في الكتاب: "لا يغرنك توالي زخارف الدنيا عليك، وشاور في أمرك من يتقي الله، وخف من لا يحتاج إلى عون عليك، أنت على رحيل، فخذ الزاد". ولما وصل الكتاب إلى باديس، أصدر أمراً بتحرير طلبة العلم كافة، ورفع المظالم عنهم جملة.

ومن هؤلاء العظماء: المعزِّ معد بن منصور العبيدي، تولى الملك وهو في الثانية والعشرين من العمر، وثبّت دعائم دولتهم بالمغرب، ثم أسس الدولة العبيدية بمصر، وكان عاقلاً حازماً أديباً.

ومنهم: المعزّ بن باديس؛ فقد تولى الملك وهو في السنة الثامنة من العمر، وكان ملكاً جليلًا، عالي الهمة، حريصاً على تنفيذ أحكام الشريعة الغراء، واجتمع بحضرته من أفاضل الشعراء ما لم يجتمع إلا بباب الصاحب ابن عباد.

ويدخل في صف هؤلاء: المستنصر باللهِ محمد بن زكريا؛ فقد تقلّد الملك في تونس وعمره عشرون سنة، فنهض بأعباء الملك، وعلا صيته، وأبقى آثاراً علمية وأدبية وعمرانية أبقت له ذكراً جميلاً، وهو الذي قدم عليه حازم القرطاجني من الأندلس، فأكرم نزله، ومدحه بقصيدته الطائية المعروفة،