ومن عظماء شباب الملوك بالأندلس: عبد الرحمن الناصر، تولى الملك غير متجاوز الثانية والعشرين من عمره، درس عبد الرحمن القرآن والسنّة، وأجاد النحو والتاريخ, وبرع في فنون الحرب والفروسية، وزهت في عصره العلوم والزراعة والصناعة، وساد الأمن في البلاد، وكان للعلماء في عصره الحرية المطلقة، يواجهونه بالأمر بالمعروف، ويتلقى منهم ذلك بصدر رحب. ومواقف منذر بن سعيد في نصحه له معروفة في التاريخ, وهو الذي خطب على المنبر في بعض المجالس الحافلة منكراً عليه الإسراف في تشييد المباني وزخرفتها، وهو الذي خاطبه في أحد المجالس بقوله:
يا باني الزهراء مستغرقاً ... أوقاته فيها أما تمهل
لله ما أحسنها رونقاً ... لو لم تكن زهرتها تذبل
وكان القضاء في عهده على استقلال لا يخشون معه لومة لائم، وكان القاضي ابن بشير يحكم عليه لخصمه، ويتوعده بالاستقالة إذا لم يمتثل ما حكم به عليه.
ومن هؤلاء العظماء: أبو الحجاج يوسف بن إسماعيل بن فرج أحد ملوك غرناطة، تولى الملك وهو في السادسة من العمر، وكان الغالب على أيامه الهدنة والصلاح والخير، وكان وزيره الأديب الكبير أبو الحسن بن الجياب، ثم توزر له لسان الدين بن الخطيب.
ومن هؤلاء العظماء: ابنه محمد بن يوسف بن إسماعيل، بويع له بعد وفاة أبيه يوسف وعمره تسع سنين، وكان وزيره لسان الدين بن الخطيب بعد أن توزر لأبيه من قبله، ووصفه ابن الخطيب فقال؛ متحلٍّ بوقار وسكينة،