نكون من أهل الحياة، وأن الشهداء من رجالها أحياء عند ربهم، وأحياء في قلوب عباده، والذين لم ينالوا منهم نعمة الشهادة يتمتعون بالحق، وبما يفيضه عليهم الحق من نعمة الحياة.
وإلى هذا المعنى يشير الفارس الشاعر حصين بن الحمام أحد بني سهم ابن مرة:
تأخرت أستبقي الحياة فلم أجد ... لنفسي حياة مثل أن أتقدما
جلس القائد المجاهد الشهير مسلمة بن عبد الملك مع أخيه الخليفة الأموي هشام ذات ليلة، فقال له أخوه الخليفة:
"يا أبا سعيد! هل دخلك ذعر قط لحرب أو عدو؟ "، فأجاب مسلمة:"ما سلمت في ذلك من ذعر ينبه إلى حيلة، ولم يغشني فيها ذعر سلبني رأيي"، فقال له هشام:"هذه هي البسالة".
ولما كان الحكم والسلطان في إسبانيا للخليفة الأموي عبد الرحمن الناصر، رفع أحد التجار قضية على الخليفة إلى القاضي الأكبر في عاصمة الأندلس "قرطبة"، وهو العالم الفقيه الورع ابن بشير، فحكم ابن بشير للتاجر على الخليفة، ولم يكتف بإصدار الحكم، بل كان حريصاً على سرعة تنفيذه، فذهب إلى الخليفة يخبره بنص الحكم الذي صدر عليه، وينذره بالاستقالة من القضاء إن لم يبادر الخليفة بالتنفيذ.
وحتى في أحط أدوار الدولة العبيدية بمصر، دخل الإمام أبو بكر محمد ابن الوليد الطرطوشي على الملك الأفضل ابن أمير الجيوش بدر الجمالي - وكان الأفضل وزير مصر للمستنصر والمستعلي والآمر-, فتكلم الطرطوشي موجهًا الموعظة والنصيحة للملك الأفضل. ولاحظ في أثناء موعظته أن إلى