للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والتهتك، ثم ليعبث بعد ذلك بكل مقدس، ويحتقر تاريخه وتاريخ أمجاده، بل وينكر من شاء من آبائه وأجداده. بينما شباب الأجانب أعد إعداداً جعله يتغنى بمجد أمته، ويعتز بدينه، ويفاخر بقومه، ويعمل ليله ونهاره في إنهاض نفسه وإسعاد بلده بالجد والسعي، والعلم والتحصيل، والكشف والاختراع، والدفاع والكفاح.

ونحن إذا أنعمنا النظر، نجد أن العامل الأهم في هذا الانحدار الذي تتردى فيه إنما يرجع إلى قبض روح الإِسلام من هيكل التعليم، وحرمان أولادنا من تنسم هذه الحياة الراقية التي رحم الله بها الوجود الإنساني، وبدون هذه الروح لا حظّ له في الرحمة، ولا نصيب له إلا اللعنة!

* التعليم الديني واجب سياسي أيضاً:

على أن السواد الأعظم من دافعي الضرائب في مصر مسلمون معتزون بإسلامهم، وهم متألمون متململون من عدم تنشئ الحكومة لأولادهم على هدايته في مدارسها. ولا ريب أن الحكومة الحكيمة الراشدة هي التي تجامل الأمة المحكومة، فترعى حرمة دينها فيها وفي أولادها، وتشبع حاجتها في نوع تربيتها وتعليمها، حتى ولو كانت الحكومة لا تدين بدين الأمة، ولا تشعر بالحاجة الجدية إليه. فما بالك والحكومة المصرية دينها هو دين الأمة، وشعورها بالحاجة هو شعور الأمة، بل ومصر تفتخر بأنها حاملة مشعل الإِسلام، وبأنها منهل الثقافة الإِسلامية لجميع أقطار الإِسلام. إذن فإهمال التعليم الإِسلامي يعتبر - بلا شك - امتهاناً لشعور الأكثرية الساحقة من الأمة، هذه واحدة، وهناك ناحية أخطر من تلك، وهي أن عدم العناية بهداية الإِسلام في المدارس يصدع وحدة الأمة، ويفرّق بين أبنائها تفريقًا يفتت كتلتها، ويهدد سلامتها. ذلك