للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثانيهما: أن العمل الذي يأمر به الإسلام لا يحق لأحد أن يتركه ترفعاً، وبرى مباشرته له نقيصة تحط من جلالته.

وترى بعض من ينتمي إلى العلم يعتقد الخير بما يصنعه طائفة من العامة في مظهر الطاعة، ويدافع عنهم صولة المنكرين بتحريف وتأويل، ولو قلت له: أدخل يدك في أيديهم، وضمَّ صوتك إلى أصواتهم، ونقّر على ما ينقرون، فإما أن يستفيق من غفوته، أو يعتذر بأن هذا يقبح بمثله عادة. والذي يقطع هذه المعذرة: أن صوت العادة أضعف صدى، وأحقرُ من أن يسمع في تقبيح ما يحسنه منزّل الشريعة، ويجعله وسيلة يبتغي بها الفوز بالمثوبة والزلفى عنده.

* دلائل الشرف:

يورد الواصفون لحال حياة الرجل شؤوناً تساعفه بها صروف الأقدار، ويقصدون بها: الدلالة على عظم مكانه في الفضيلة؛ مثل: صحبة العظماء؛ فقد جرت العادة أن من اتصل برجل خطير قاصداً الاستقاء من معارفه، أو الاقتداء بسيرته، لا يفوته أن يفيض عليه من تحقيقات علومه، أو يخلع عليه بردة من ملابس آدابه.

ومن هذا: ولاية منصب عظيم؛ كالقضاء والإمارة، والوزارة؛ فإنه يجري في الظنون أن لا يستخلص لهذه المقامات إلا ذو كفاءة، وإنما يصح الاعتماد في شرف الرجل على مجرد الولاية، بدون نظر في سيرته، أو تتبع آثاره، إذا ثبت أن تقليده بها صدر من عارف بحقائق الرجال، ذي عدالة تصده أن يوسد الأمر إلى غير أهله.

ويقولون في سياق المديح: "نشأ في مدينة كذا"، وأصل هذا: أن الرجل