للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حيث أرجعه إلى المفعول المطلق، وقدر له فعلاً من نوعه، والتقدير: قمت وأجلك إجلالاً.

ومما يجري على هذا النسق: أن الجمهور يرون أن عامل الجزم في الفعل الواقع في جواب الطلب، شرط مقدر؛ والتقدير عندهم في نحو: "استقمْ يرفعِ الله قدرك": إن استقمت، يرفع الله قدرك، وذهب فريق إلى أن عامل الجزم هو الطلب نفسه، ومن أقام موازنة بين المذهبين، قد تدفعه قوة المعنى إلى ترجيح قول الجمهور، فإن رفعة القدر في المثال السابق معلقة على حصول الاستقامة، وهذا المعنى لا يستقل بافادته الأمر أو الاستفهام وحده، فلابد من ملاحظة شرط يستقيم به نظم الكلام، ويطابق به المعنى الذي أردت التعبير عنه.

وللفريق الذي جعل عامل الجزم في ذلك المثال فعلَ الطلب نفسه، أن يجيب بأن ترتب رفعة القدر على الاستقامة، ودلالة الجملة على أن أولاهما موقوفة على ثانيتهما، يؤخذ بقرينة الجزم، فيكون الجزم بمنزلة الفاء في مثل قولك: كن شريف الهمة، فيكبُر عملك، فكبُر العمل موقوف على شرف الهمة، ولا حاجة إلى تقدير شرط؛ فإن الفاء تنبئ عن هذا الارتباط الذي سميت من أجله فاء السببية.

والأصل في الحروف المشتركة بين الأسماء والأفعال: أن تكون معزولة عن العمل، وخرج عن هذا الأصل: "ما"، و"لا"، و"إن" النافيات؛ فإنها من قبيل ما يشترك فيه الأسماء والأفعال، وقد أعطاها بعض العرب عمل "ليس" الناسخة.

فإذا وقع نزاع في نسبة العمل إلى حرف مشترك بين الأسماء والأفعال،