وسبيله أن يجيبك بكلمة: لا، أو نعم، وكذلك القول في بقية ما يسأل عنه من مكان أو زمان أو حال أو عدد.
ومن هذا النوع: ضمير الفصل، وأدوات الاستثناء، وكلمة: إنما، فإنك تجد في ضمن استعمالها جملة ثانية تخالف الجملة المنطوق بها في الإيجاب أو السلب، وتقرب منها حروف العطف؛ لإغنائها عن إعادة العامل، ودلالتها فوق ذلك على معان أخرى؛ كمعنى الترتيب والتعقيب المستفاد من الفاء، والترتيب والمهلة المستفاد من "ثم".
وانظروا إليهم كيف خالفوا بين أواخر الكلم في هيئاتها، وأجروها على نظام محدود، فكانت أوقع في النفس، وأدعى للإعجاب؛ لما فطرت عليه النفوس المتنورة من استعظام ما يكون مرتباً على نظامات مطردة، ولو لم يجروها على قانون، ورموا بها كيف اتفق، لقل العجب بها، وفقدت من مآثر الفصاحة وجهاً بديعاً، ثم استشعروا حاجاتهم إلى التفرقة بين معان ينبني على تمايزها فهم المراد من الجملة؛ كتمييز الفاعل والمفعول والمضاف إليه، والمسند والمسند إليه، وفي طوقهم أن يضعوا للدلالة على ذلك علامات غير أحوال أواخر الكلم، ولكن جنحوا إلى طريقة الاختصار، واكتفوا بها في التمييز بين تلك المعاني، واعتمدوا في بعض الأحيان على دلالة التقديم والتأخير، وقرائن الأحوال.
وزعم ابن خلدون أن الإعراب لا يوجد إلا في لغة العرب، قال: وأما غيرها من اللغات، فكل معنى أو حال لابد له من ألفاظ تخصه بالدلالة.
وقد ثبت أن حكم الإعراب مما يوجد له أثر في اللغتين اليونانية والألمانية، وإن كانت العبرة به في لسان العرب أزيد، وعنايتهم به أقوى. ثم إن العبارة