المطابقة للمعنى المراد من نسبة أمر لآخر تقتضي بطبيعتها أن تؤلف من ثلاثة ألفاظ في الأقل، واحد للمحكوم عليه، وآخر للمحكوم به، ولفظ ثالث لإفادة النسبة بينهما، وربطِ أحدهما بالآخر طبق ما هو المنقول عن اللغة الفارسية واللغة اليونانية، فالدال على النسبة عند الفرس لفظ: است، والموضوع لها في لغة اليونان لفظ: استين، ولكن العرب اقتصروا في تأدية ذلك المعنى على لفظين، فقالوا: زيد عالم، واستغنوا عن الرابطة بهيئة وضع التراكيب وما يجري في أواخر الكلم من علامات الإعراب.
ومن اللغات الراقية ما لا يتصرف؛ مثل: اللغة التركية، وبدخول الصرف في العربية تيسر في اللفظة الواحدة أن تدل على معان؛ مثل قولنا: تحاربوا يدل بواسطة صيغته الخاصة على وقوع الحرب بين جماعة، وطبيعة المعنى تقتضي أن لا يعبر عنه باقل من أربع كلمات.
وينحتون من كلمتين فكئر كلمة واحدة؛ نحو: سمعل: إذا قال: سلام عليكم، ودمعز: إذا قال: أدام الله عزك.
وقال ياقوت في "معجم الأدباء": إن الشيخ أبا الفتح عثمان بن عيسي البلطي سأل الظهير الفارسي عما وقع في ألفاظ العرب على مثال: شقحطب، فقال: هذا يسمى في كلام العرب: المنحوت، ومعناه: أن الكلمة منحوتة من كلمتين؛ كما ينحت خشبتين، ويجعلهما واحدة، فشقحطب (١) منحوت من شق حطب، فسأله الملطي أن يثبت له ما وقع من هذا المثال ليعول في معرفته عليه، فأملاها عليه في نحو عشرين ورقة من حفظه.
(١) الكبش: له قرنان أو أربعة كل منهما كشق حطب "قاموس". جمع شقاحط وشقاطب وهو منحوت من شقّ وحطب.