للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في تفسرة المريض.

ومن أسباب أخذ علم الطب فيما سلف مكانة في اللغة الفصحى: أن كثيراً من رجال هذا العلم كانوا قد درسوا اللغة العربية إلى أن صاروا من أئمتها، أو صاروا من كبار أدبائها، تجدون الحديث عن هؤلاء الرجال، والتنبيه على رسوخهم في علم الطب واللغة، في كتب طبقات الأطباء، وطبقات اللغويين والأدباء؛ مثل: الرئيس أبي علي الحسين بن سينا، برع في الطب، وأتقن الأدب، وبلغ في اللغة مرتبة عليا، وله في الطب مؤلفات كثيرة، منها: كتاب "القانون"، وله مؤلف في اللغة يسمى: "لسان العرب".

ومثل أبي بكر محمد بن أبي مروان بن زهر (١)؛ فقد كان - كما قالوا - بمكان من اللغة مكين، ومورد من الطب عذب معين، وكان يحفظ شعر ذي الرمة، مع الإشراف على جميع أقوال أهل الطب (٢).

ومثل محمد بن أحمد بن رشد (٣)؛ فقد جمع إلى الطب والفلسفة التضلع في علوم العربية، وله في الطب مؤلفات منها كتاب "الكليات"، وله في العربية الكتاب المسمى: "الضروري".

ونرى طائفة ممن بلغوا في علوم الشريعة مرتبة الاستنباط - ولا يبلغ مرتبة الاستنباط في الشريعة إلا من كان له في علوم اللغة قدم راسخة - قد برعوا في علم الطب، ومن هؤلاء: الإمام أبو عبد الله محمد بن عمر المازري (٤)، كان


(١) توفي سنة ٥٩٦ هـ.
(٢) "نفح الطيب" للمقري.
(٣) توفي سنة ٥٩٥ هـ.
(٤) توفي سنة ٥٣٦ هـ.