بحثنا عن أمر القياس في صيغة فعّال من طريقين: طريق الرجوع إلى كتب الصرف؛ للوقوف على عبارة تدل على صحة إجراء هذه الصيغة مجرى ما يقاس عليه، وطريق الرجوع إلى كتب اللغة؛ للوثوق من أن الألفاظ الواردة في هذا الوزن بالغة في الكثرة إلى حد يكتفى به في فتح باب القياس.
رجعنا إلى كتب الصرف، فوجدنا كثيراً منها لا يتعرض لصيغة فعّال من ناحية أنها قياسية أو سماعية، ولا يزيد على أن يذكر أنها صيغة تأتي بدلاً من اسم الفاعل؛ للدلالة على المبالغة في معنى الفعل، ووجدنا طائفة يتعرضون لمجيء فعَّال ومِفْعال وفَعول بدلاً من اسم الفاعل، ويصفونه بالكثرة، كما قال الأشموني في "شرح الخلاص": "كثير ما يحول اسم الفاعل إلى هذه الأمثلة لقصد المبالغة والتكثير".
ووجدنا طائفة ثالثة تصرح بأن الصيغ الخمس: فعّالاً، ومفعالاً، وفعولاً، وفعيلاً، وفَعِلاً، المأخوذة من فعل متعد، قياسية. قال الدنوشري: ينظر هل التحويل إلى الخمسة المذكورة قياسيّ، أو سماعيّ، أو قياسي في الثلاثة الأُوَل:"فعّال ومِفعال وفَعول"، سماعيّ في الأخيرين "فعيل وفَعِل"، ثم قال:"مذهب البصريين منقاسة في كل فعل متعد ثلاثي؛ نحو: ضرب، تقول: ضرّاب ومِضراب وضروب وضريب وضَرِب"(١)، وهذا النص يدل على أن صوغ فعال من الفعل المتعدي قياسيّ كسائر أبنية المبالغة. ووقفنا على عبارة لأبي إسحاق الشاطبي في "شرح الخلاصة" تدل على أن بناء صيغ المبالغة مقيس، وظاهر إطلاقها أن هذه الصيغ مقيسة في المتعدي واللازم، قال أبو إسحاق عقب الكلام على عمل هذه الصيغ عملَ اسم الفاعل: