للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعشاءٌ كأنما الأفق فيه ... لازوردٌ مرصَّعٌ بنضارِ

قلتُ دنت لمغربها الشمـ ... ـسُ ولاحَ الهلالُ للنظّارِ

أقرض الشرق صِنْوَهُ الغربَ دينا ... راً فأعطاه الرهنَ نصفَ سوارِ

مع قول ابن قلاقس، ولم يطلع على ما قاله ابن المنجم:

لا تظنّوا الظلامَ قد أخذ الشمـ ... ـسَ وأعطى النهارَ هذا الهلالا

إنما الشرقُ أقرضَ الغربَ دينا ... راً فأعطاه رهنَه خلخالا

فقد سار الشاعران في التخييل على طريق واحد، وزاد ابن المنجم على ابن قلاقس نظرة في السوار، فلم يأخذ منه إلا المقدار الذي يطابق حال الهلال، وهو الشطر، فكان تخيله أحكم وقعاً.

الحالة الثانية: وهي ما تكون الواقعة فيها مختلفة؛ كقول بعضهم:

خلقنا لهم في كل عينٍ وحاجبٍ ... بسمرِ القنا والبيضِ عيناً وحاجبا

مع قول ابن نباتة:

خرقنا بأطراف القنا في ظهورهم ... عيوناً لها وقعُ السيوفِ حواجب

فقد اتفق الشاعران على تصوير المعنى، وهو تأثير السيوف والرماح في أجسام الأعداء، ولكن تصوير ابن نباتة أجود؛ لأنه يزيد على الأول بما فيه من الإيماء إلى انهزامهم وتوليهم بظهورهم حتى تصنع فيها الرماح والسيوف عيوناً وحواجب.

ولا يغيب عنك أن تفضيل بيت ابن نباتة إنما يتم إذا تماثلت الواقعتان، أوكان كل من البيتين صادراًعن تخييل محض، وأما إذا قصد كل من الشاعرين وصف الواقع، وكان الأعداء المشار إليهم في البيت الأول لم ينهزموا، بل