في حال انتشاب الخطر به، حيث ترتوي الرماح وتقطر السيوف من دمه الذي هو مادة حياته، ثم تمنى زيادة الاتصال بالسيوف التي هي مهبط العطب، وشاقه أن يقبلها؛ لأن بريقها يخيل إليه ثغر المحبوبة حال تبسمها، وأما شاعر السفينة، فاقصى غمراته توقع الهلاك بما أحاط به من أسبابه القريبة، فمزية من تذكر الحبيب وقد أنشب به الردى مخالبه، أعظم من مزية من يتذكره وهو يبصر الخطر، ولم يبسط إليه يده، فإن كان كل من الشاعرين حكى واقعة عرضت له في حياته، فلا تفاضل بينهما إلا من جهة تأليف اللفظ وصفاء ديباجته.
الحالة الرابعة: وهي ما يختلف فيه الشعران معنى وغرضاً، وعقد المفاضلة في مثل هذا النوع قلَّما يخطر على بال الأديب، ولو قصد إلى ذلك، لوجد المسلك وعراً؛ إذ من المحتمل أن يكون كل من الشعرين ورد على أبدع غاية ممكنة في المقصد الذي سيق إليه، وإن كان أحدهما أوسع نطاقاً في الخيال. فلو نظرت إلى قول بشار: