للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رعشت كواكبُ جوها فكأنها ... وَرِقٌ تُقَلّبُها بَنانُ شحيح

وقول عنترة:

أراعي نجومَ الليلِ وهي كأنها ... قواريرُ فيها زئبقٌ يترجرجُ

فتشبيه ابن الخطيب أدق وأخفى، وتشبيه عنترة أشد مطابقة لحال النجوم.

الحالة الخامسة: وهي ما يجري فيه تفضيل أحد الشاعرين على آخر بإطلاق، وهذا لا يستقيم إلا ممن أتى على معظم شعرهما، حتى عرف الذي يستوفي في تخيلاته شرائط الجودة أكثر من غيره، ولا سيما إذا اهتدى للمقايسة بينهما في كثير من المعاني أو الأغراض التي يتفقان في نظمها.

ومن الخطأ الحكم بتفوق شاعر على غيره لمجرد تخييل بديع يتفق له في بيت أو أبيات، فربما ترجح شاعر في معنى مرة، وفاقه غيره في معان أخرى، فلا يصح لك متى وقفت على قول ابن زمرك يصف البرق:

وجرَّد من غمد الغمامةِ صارماً ... من البرق مصقولَ الصفيحةِ صافيا

ورأيته متوغلاً في الخيال أكثر من قول ابن الخطيب:

لك اللهُ من برق كأن وميضَه ... يد الساهرِ المقرورِ قد قَدحتْ زندا

أن تقضي بتفضيل ابن زمرك على ابن الخطيب؛ إذ قد يكون لابن الخطيب تخيلات أخرى أدرك فيها شأواً لم يلحق ابن زمرك غباره، بل تجد له في هذا المعنى نفسه تخييلاً سبق فيه إلى الغاية القصوى، وهو قوله:

وميض رأى برد الغمامة مغفلاً ... فمد يداً بالتبرأ علمت البردا

ومما يصدك أن تكتفي في تفضيل الشاعر بإجادته في البيت أو الأبيات: أنك ترى حازماً الأندلسي قد فاق ابن هانئ في وصف التقاء الصبح بآخر