للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الليل، حيث يقول الأول:

كأن بياضَ الصبحِ معصمُ غادةٍ ... جنت يدها أزهارَ زهرِ الدجى لقطا

ويقول الثاني:

كأن عمودَ الصبح خاقانُ عسكر ... من الترك نادى بالنجاشي فاستخفى

وترى ابن هانئ يقول في وصف الثريا:

وولَّت نجومٌ للثريا كأنها ... خواتيمُ تبدو في بَنان يدٍ تخفى

ففاق حازماً حين قال:

كأن الثريا كاعبٌ أزمعت نوى ... وأمَّت بأقصى الغربِ منزلة شحطا

وقد لوحنا فيما سلف إلى بعض الأسباب التي تقوم للشاعر، فيفضل في بعض المعاني أو الأغراض من هو كفؤاً له، أو أرسخ منه قدماً؛ كالتفاوت في قوة الباعث على النظم، فمن يخاطب إنساناً وقد ماجت مهجته بعواطف وده الخالص، وأضرمت النوى في فؤاده شوقاً إليه، يقع على دفائن من المعاني يقف دونها من يخاطبه تقصياً من ملامة، أو تعرضاً لمسألة ليست بذات بال، ويضاف إلى هذا: أن أحد الشعراء قد يمتاز بمعرفة العناصر التي يؤلف منها المعنى، كما امتاز البارودي عن بعض أدباء عصره بمشاهدة الكهرباءوإشراقها في أجرام كروية، فقال يصف الثريا:

وكأنها أكرٌ توقَّد نورها ... بالكهرباءةِ في سماوةِ مصنعِ

وقد يستوي الشاعران في الاطلاع على العناصر البسيطة، ولكن أحدهما يشاهدها مؤلفة في صورة لم يشهدها الآخر، فيساعده استحضار تلك الهيئة على انتزاع معنى لا يخطر على بال غيره، فصفوان بن إدريس الأندلسي عاش