أحدها: أن يكون الأصل من المعاني النادرة، والزيادة تساويه في غرابتها، أو تنقص عنه، وهنا لا يكون صاحب الزيادة أرجح ممن أنشأ أصل المعنى قطعاً؛ إذ من المحتمل أن تنبهه لهذه الزيادة، وإدراجه لها في صورة المعنى إنما تيسر له من تلقيه لذلك الأصل الذي أقامه له الشاعر الأول؛ بحيث لا يكون في قريحته فضل قوة على تحصيل هذا الأساس بنفسه، ومثال هذا قول علي الكوفي يصف النجوم:
كأن التي حول المجرَّة أوردت ... لتكرع في ماء هناك صبيب
وقول البارودي يصفها أيضاً:
وكأنهاحول المجرِّ حمائمٌ ... بيضٌ عكفن على جوانب مشرعِ
فلم يزد البارودي عما خيل إليك الكوفي، سوى أن جعل تلك النجوم الواردة حمائم بيضاً.
ومن هذا القبيل قول المعتمد بن عباد يصف نهراً في روض:
ولربما سلَّت لنا من مائها ... سيفاً وكان عن النواظر مغمدا
وقول أبي القاسم البخاري:
والنهر شقَّ بساطَ الروضِ تحسبه ... سيفاً ولكنه في السِلْمِ مشهورُ
فهذا البيت أخذ في ضمنه معنى البيت الأول، وإنما زاد عليه بأن السيف مجرد في حال السلم.
ثانيها: أن يكون المعنى الأصلي غريباً، وتكون الزيادة أدلّ منه على البراعة، ويصح لك في هذا الحال أن تقضي بفضل الثاني؛ إذ في يدك ما ينهض